لكي لا تفشل الرؤية

إنني أكاد أجزم أن جميع السعوديين بلا استثناء قد سمعوا أو قرأوا عن التوجهات الجديدة للحكومة السعودية -حفظها الله- ورؤيتها الطموحة (رؤية السعودية 2030)، ولعل الكثير تحدث، وكتب، وحلل عن أثر هذه الرؤية على الاقتصاد السعودي، والتغير الإيجابي الذي سوف يصاحبها على القطاع العام والخاص. ولكن للأسف الشديد لاحظت أن الكثير من الجهات الحكومية والخاصة ذهبت سريعًا لمواكبة الرؤية بإحداث تغييرات جذرية وقرارات مؤثرة دون أن تتعرف على المبادئ الأساسية لإدارة التغيير، والتي بدورها تساعد على التحول بصورة سليمة وفعالة.
إن الأهداف والاستراتيجيات للمملكة العربية السعودية قد تغيرت مع الرؤية الجديدة، فعلى سبيل المثال: خفض الاعتماد على النفط، وهذا يعد تحولًا كبيرًا؛ مما يتطلب من جميع الجهات المتأثرة استحداث إدارة للتغيير؛ لضمان نجاح هذا النوع من التحول الوطني. يكمن دور هذه الإدارة في توفير البيئة اللازمة والإيجابية؛ للانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي المطلوب بكل يسر وسهولة.
تضع إدارة التغيير في الحسبان جميع عناصر المنظمة، والمؤثرة عليها أثناء المرحلة الانتقالية دون استثناء، ولكنّ الاهتمام الأعظم للأشخاص بجميع مستوياتهم؛ لأنهم هم من سيحدث الفرق ويواكب رؤية 2030. وهنا يظهر دور إدارة التغيير بالتعرف على رغبات وتوجهات الموظفين؛ لتشجيعهم على دعم التوجه الجديد؛ لضمان نجاح الرؤية وتحقيق النتائج المرجوة من التغيير.
لابد أن تتعرف الجهات الحكومية والخاصة على معوقات التغيير؛ لكي تتمكن من التغلب عليها، ومن إحدى معوقاتها أن الكثير من الموظفين يرفضون التجديد، إما لرضاهم عن الوضع الحالي، أو خوفًا من المستقبل الذي قد يكون غامضًا لديهم. ومن عوائق التغيير ايضًا التواصل الضعيف أو المحدود بين الإدارات العليا والإدارات الأخرى. وفي الحقيقة إدارة التغيير تلعب الدور الأكبر في المساهمة على التغلب على معوقات التغيير، بفهم الأشخاص الذين يصرون على التمسك بالوضع الراهن، وتوفير الأدوات اللازمة لهم؛ لجعلهم داعمًا حقيقيًا للتحول، ولا يقتصر دور الإدارة على ذلك، بل إنها تعمل مع الإدارات العليا؛ لتساهم في ضمان وجود اتصال دائم بين أصحاب المناصب العليا وجميع الموظفين؛ لخلق بيئة مشجعة للعمل والتغيير للأفضل.
على القطاع العام والخاص أن يدرك أهمية إدارة التغيير وأن يبدأ الآن على العمل بتوفير إدارة كاملة أو أشخاص مختصين بها (على حسب حجم التغيير والمنظمة). إن إدارة التغيير سوف تمكن المنظمات من التحول الناجح؛ لأنها من البداية سوف تسعى بإقناع الجميع بضرورة مواكبة التطور بتوفير رؤية واضحة ودقيقة عن المستقبل؛ لكي يكون الجميع على بيّنة من أهداف التغيير. وتعد إدارة التغيير الركيزة الأساسية للمنظمات في الوقت الراهن؛ بسبب الوضع المتغير والغير مستقر، ومن مهامها جمع معلومات دقيقة وآراء غير متحيزة لاتخاذ القرارات السليمة، ومنها: إعادة تصميم بعض الإجراءات والخطط؛ لكي تتلاءم مع الرؤية الجديدة، ولا ينتهي دورها عند هذا الحد، حيث تقوم بالإشراف على التغيير من جميع النواحي؛ لضمان تطابقه مع الرؤية الجديدة.
ولكي لا تفشل الرؤية، ولكي ننهض بهذا الوطن ونجعله في مقدمة الدول الناجحة، علينا جميعًا أن نكون يدًا واحدة؛ لدعم حكومتنا الرشيدة والوقوف معها وتأييد قراراتها، وعلى أصحاب المنشآت الخاصة وأصحاب القرارات في الجهات الحكومية أن يدركوا أهمية إدارة التغيير، ويدعموا تواجدها في منظماتهم؛ لأن نجاح الرؤية مرتبط بإدارة تغيير فعالة ومدعومة.
لنكن جميعًا قادات في التغيير وشركاء في نجاح رؤية 2030 لأنها مسؤولية الجميع…