ضرائب القات

■ تعتبر ضرائب القات من أهم الموارد المالية للدولة.  اذ أن شجرة القات تحتل حيزا واسعا من النشاط التجاري يوميا،  إلا أن طرق التحصيل لهذه الضرائب برأي غير صحيحة،  حيث توكل عملية التحصيل لمقاولين بصورة عشوائية،  الأمر الذي ساعد على انتشار صور مختلفة للفساد في عمليات المقاولة والتحصيل،  كما تساعد طرق التحصيل على التهرب الضريبي لنسبة عالية من الطاقة الضريبية للقات. ويعود السبب لذلك إلى أن جمع الضرائب غالبا تتم في مداخل المدن التي يجلب لاسواقها القات،  الأمر الذي يساعد على تهريب القات من مداخل غير رسمية،  كما أن القات الذي يتم شرائه للمناسبات في الأرياف ولمتعاطي القات بالارياف لا يمر بنقاط تحصيل الضرائب ...ومع ذلك فإن مكاسب المشتغلين بجمع ضرائب القات عالية جدا ويبدو ذلك واضحا من تحولهم السريع لاثرياء في الممتلكات الخاصة والارصدة المالية التي يملكونها.

ولما سبق يمكن القول  بأن كارثة الحرب في البلاد منذ أكثر من تسع سنوات قد أدت إلى أن تصبح ضرائب القات وسيلة من وسائل تغذية الحرب. حيث ازدادت الأنشطة المتصلة بزراعة القات والمتاجرة به  بسبب ارتفاع الطلب على القات،  الأمر الذي شجع للمزيد من زراعة القات وانتشاره . إذ يشكل أهم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.  فالمقاتلين في الجبهات والمتارس العسكرية  المنتشرة في الأحياء السكنية وفي المنازل جميعهم يتعاطون القات بصورة يومية، كما أن تراجع الأنشطة الاقتصادية وتحويلات المغتربين قد شكلت عوامل للإدمان على القات لكافة الفئات السكانية ، فمن النادر أن تشاهد تجمع سكاني بعيدا عن تعاطي القات. ....وبالرغم من ارتفاع نسب  التضخم  وتراجع مستوى دخل الأسرة اليمنية مع استمرار الحرب وارتفاع الأسعار للسلع الغذائية وللقات إلا أن ظاهرة تعاطي القات ظلت مستمرة ، ومع انفلات المؤسسات الايرادية للدولة وغيابها على المستوى المركزي والمحلي فقد لجأ قادة المكونات العسكرية إلى تحويل الموارد المالية المتحصلة من ضرائب  القات يوميا  لمصدر تمويل للأنشطة العسكرية وبنفس الوقت مصدر دخل لقيادات الاعمال العسكرية وكذلك للقيادات التنفيذية لسلطات الحكم المحلية ،  وما يؤكد ذلك هو مظاهر البذخ المشاهد على  تلك القيادات عند تناول  الأطعمة الخاصة بهم  ونوعيات القات مرتفع الثمن الذي يتعاطونه يوميا .

وبناء على ذلك يمكن استخلاص أن ظاهرة القات وما تجلبه من الموارد المالية لقيادات الأعمال العسكرية والمدنية قد أدى إلى ترهل تلك القيادات وبالتالي إطالة فترة الحرب والحرص على استمرارها بالصورة التي هي عليها  حاليا.

ولمواجهة هذه الظاهرة وتقليل أثرها السلبي  على  إطالة  الحرب نوصي بالعمل بالمقترحات التالية :

اولا : تغيير طرق وآليات تحصيل ضرائب القات. من خلال انتهاج جمع ضرائب القات في مناطق زراعته . ويمكن لذلك انشاء أوعية إيرادية لتحصيل ضرائب القات من ملاك أشجار القات مباشرة .

ثانيا : إنشاء صناديق لدعم المحاصيل الزراعية وبالاخص  للزراعات النقدية كالبن والغذائية كالحبوب والخضروات والفواكه وكذلك لتنمية الثروة الحيوانية وتربية النحل وكافة الأنشطة المرتبطة بالأنشطة الزراعية وتربية الحيوانات والنحل. ويمكن أن تورد ضرائب القات الى هذه الصناديق على مستوى السلطات المحلية بالمديريات،  مع أهمية أن يكون هناك رقابة ومتابعة من السلطات المحلية بالمحافظات والمركزية المتمثلة بوزارة الزراعة والثروة الحيوانية وأجهزة الرقابة المحلية والمركزية ومنظمات المجتمع المدني .  

وفي حالة تحقق ذلك ستنشأ عوامل محلية  محركة للنهوض بالزراعة والثروة الحيوانية والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها والحرص على توظيف امثل للموارد المالية  لضرائب القات مع بروز تجارب ناجحة في المديريات ، الأمر الذي سيجلب قدر عال من المنافسة بين المديريات. 


ومن شأن ذلك مواجهة آثار ضرائب القات على القيادات المحلية العسكرية والمدنية وبنفس الوقت  الإسهام في مواجهة البطالة والفقر وتحقيق نهوض اقتصادي وتراجع  ضعف الأمن الغذائي والمعاناة الإنسانية لسكان اليمن وبالأخص سكان الريف الذين يشكلون أكثر من 70% من إجمالي سكان اليمن  ، حسب نتائج الإحصاءات السكانية.

أ.د.محمد علي قحطان 
21 أغسطس 2024

مقالات الكاتب