الصحافة .. رسالة أم تجارة ؟

■ إن الصحافة كانت ومازالت صرحاً شامخاً من صروح الحقيقة، ومنارة تنير دروب المجتمعات ،  ولكن للأسف فقد تسلل إلى هذا الصرح الكثير ممن يسلبونه بريقه ، ويحولونه إلى أداة للتضليل والتلاعب بالرأي العام ،  فالصحفي الإمعة الذي يبيع ضميره ومهنته من أجل حفنة من الأموال ، والذي يسخر قلمه لضرب مصالح وطنه ، أو يظن أنه بذلك النشر  يستطيع أن يبتز ضحايا كذبه و تدليسه ، يعد أخطر أنواع الأوبئة التي تصيب هذا الصرح و المجتمع كله.

◾بيع الضمير والمهنة

عندما يقرر الصحفي أن يصبح أداة في يد أصحاب المصالح، فإنه يكون قد ارتكب جريمة في حق مهنته وحق المجتمع. 
وفي المقابل فإن الصحفي الحقيقي هو حارس على الحقيقة ، ومدافع عن الحقوق والحريات، وليس مجرد منفذ لأوامر الغير ، ولكن عندما يتحول إلى مجرد متحدث باسم فئة معينة، أو إلى دعاية لجهات ما، فإنه يفقد مصداقيته ويصبح مجرد صوت فارغ مهما سخر كل إمكانياته في إجادة الأدوار المطلوبة منه إلا أنه سيظل مفلساً للقيم الإنسانية والأخلاق المهنية .

◾خطر تسخير القلم ضد الوطن

إن أخطر ما يمكن أن يفعله الصحفي هو أن يسخر قلمه لضرب مصالح وطنه.
فالصحفي الوطني هو الذي يعمل على بناء وطنه ، ويعزز قوته ومكانته ، ويدافع عن مصالحه العليا ، ولكن عندما يصبح الصحفي أداة لتدمير وطنه، فإنه يكون قد خان الأمانة التي حملها على عاتقه.

◾نتائج كارثية

إن نتائج سلوك الصحفي الإمعة تكون كارثية على المجتمع ككل ، فالتضليل والتشويه الذي يمارسه يؤدي إلى زعزعة الثقة في المؤسسات، وتقويض وحدة الصفوف ، وزرع الفتن والشقاق.

كما أنه يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع مكانة الوطن على الصعيد الإقليمي و الدولي ، مما يزيد في معانات شعبه سيما في عدم تحقيق أهدافه ومصالحه ، و لا في انتصاره لقضيته التي دافع عنها بكل بسالة وفداء ، و قدم لأجلها آلاف الشهداء والجرحى .

◾دعوة إلى الصحفيين والإعلاميين

إلى نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين   ومن نعول عليها في وطننا الحبيب بالسير نحو إرساء قواعد الصحافة المهنية الحقيقة التي لا تُهَادِن ولا تُنَافِق ولا تَدَّعِي ولا تَرمِي التُهَمَ ولا تُأَوِّلَ أو تُلَفِّقَ ، بل في طرحها حتى مع خصومها هادف و صادق ، تحمل رسالة وطن غُدِرَ به و شعب أضحى ضحية سياسات غبية و قرارات ضعيفة لا تلبي تطلعاته ، ولا أدنى مقومات الحياة.

أدعو جميع الصحفيين إلى الالتزام بمهنيتهم وأخلاقياتهم، وأن يكونوا صوت الحق والصواب، وأن يعملوا على خدمة مجتمعهم و وطنهم.
و على السلطات الرقابية والنيابية المختصة في الصحافة والمطبوعات القيام بدورها المناط بها في تنظيف مجتمعنا من أصحاب النشر الهدَّام و التحريضي والذي يكيل الاتهامات جزافاً سواءاً على الأشخاص أو المؤسسات الحكومية و يقلق السكينة والطمأنينة ويزعزع أمن المجتمع ، دون أي رادع لمثل أولئك الذين سخروا أقلامهم للنيل من أوطانهم ومؤسساته الوطنية ، وعدم تعاطيهم بمسئولية واحترامهم لكل ما تتخذه الأجهزة الرسمية والمختصة من قرارات أو إجراءات وفق مهامها و سلطاتها القانونية ، واعتمادهم على مصادر مجهولة وهمية وغير واقعية أو جهات لا صلة لها ولا اختصاص في ذات الموضوع أو القضية .

كما و ندعو القراء الكرام إلى التمييز بين الصحافة الحقيقية والصحافة الصفراء ، وأن يختاروا مصادرهم الإعلامية بدقة و عناية.


◾ختاماً 
إن الصحافة هي قوة عظيمة، ولكنها تحتاج إلى من يحملون أمانتها، ويحافظون على شرفها وكرامتها ، بل هي  رسالة سامية ، تتطلب من أصحابها التزاماً أخلاقياً عالياً ، وحساً وطنياً عميقاً. 
وعلى كل صحفي أن يتذكر دائماً أنه مسؤول أمام الله وأمام ضميره وأمام شعبه ، وعليه أن يحرص كل الحرص على أن يكون قلمه سلاحاً لبناء الوطن ، وليس سلاحاً لتدميره.

مقالات الكاتب