الثورة الصناعية الرابعة .. ما هي؟ وأين نقف منها؟

أحد أهم التحولات التكنولوجية التي نمر بها اليوم هو ما يطلق عليه عموما الثورة الصناعية الرابعة. وقد كانت الثورة الصناعية الرابعة أحد محاور الحديث في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. حجم الاهتمام الذي تحظى به هذه الثورة ينطلق من حجم التغيير المتوقع حصوله على جميع المستويات. فهي بلا شك ستؤثر في أسواق العمل والعلوم والطاقة والمجتمع والسياسة والاقتصاد بشكل يفوق تأثير سابقاتها من الثورات الصناعية. ولذلك ينبغي دراسة هذه التأثيرات بعمق لنتمكن من التعاطي مع تبعات هذه الثورة السلبية بأسلوب مرن يخفف من هذه التبعات. ولكن في الإجمال، فإن الثورات الصناعية تنتج دائما زيادة في الثورة والدخل وتحسين مستوى جودة المعيشة، الأمر الذي بدأنا نلاحظه في إحدى أهم ركائز هذه الثورة وهي عملية الأوبرة. فكثير من الخدمات بات متاحا للمشاركة وزادت كفاءة استخدامها بمجرد تمكننا من زيادة التواصل بين عدد أكبر من الأفراد على مستوى تطبيق إلكتروني واحد. الأوبرة هي وجه واحد لوجوه الثورة الصناعية الرابعة المتعددة التي تتبلور في إنترنت الأشياء والتكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي وتقنيات النانو.
أحد أهم المجالات التي ستتأثر وتؤثر فينا نحن بشكل مباشر هو قطاع الطاقة. فتضافر التقنيات والوتيرة السريعة للاكتشافات العلمية ستعمل على تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، فضلا عن رفع كفاءة توزيع الطاقة. خفض التكلفة سيؤدي إلى انتشار مولدات ومخازن الطاقة بشكل واسع في المدن، حيث تتحول المنشآت العامة والبنايات السكنية إلى مولدات صغيرة متصلة بشكل فائق. هذا التواصل الفائق بين المولدات الصغيرة في أنحاء العالم كافة، عن طريق الإنترنت وشبكات الكهرباء العامة سيعمل على توزيع الطاقة بالشكل الأمثل بما يتيح طفرة في الاستخدام. ستتحول الشبكات إلى شبكات ذكية بفعل الذكاء الاصطناعي بشكل يتيح لها إعادة توجيه الطاقة من أماكن الفوائض إلى أماكن العجز في الإنتاج بأقل هدر وتكلفة ممكنة. فقدرات الحوسبة الهائلة المجتمعة ستجعل من مثل هذا الربط الذكي ممكنا في المستقبل القريب. الأمر الذي سيجعل من تطبيقات الطاقة المتجددة واقعا لن يكون دعوات حماية البيئة والاحتباس الحراري، إنما إمكانية تخفيض الاعتماد على موردي الطاقة الكبار وتمكن الأفراد عن طريق تجمعهم وزيادة تواصلهم من توفير احتياجاتهم من الطاقة.
المثال السابق في عالم الطاقة وتقنياته ينطبق على كل مستويات المجتمع وأفراده من حجم التغيير المتوقع. وهو كذلك لا يعني الاستغناء عن النفط، إنما يؤكد نمو المصادر البديلة بوتيرة أسرع. ولذلك علينا استيعاب أبعاد هذه الثورة في "رؤيتنا لعام 2030"، وقد يكون صندوق رؤية سوفت أحد العوامل الفاعلة في تشكيل الثورة الصناعية الرابعة، فنتمكن من الاستفادة من استثماراتنا في نقل التقنية ومواكبة التغيير السريع.

مقالات الكاتب