هل الغاز وقود مجسر لمستقبل منخفض الكربون؟

منذ فترة طويلة وقطاع توليد الطاقة يعتبر الطريق الرئيس لزيادة استهلاك الغاز الطبيعي. ولكن في عام 2015، كان أكثر من نصف طاقة التوليد الجديدة المنجزة في العالم يستخدم الطاقة المتجددة، وليس الوقود الأحفوري. ولا تزال أعداد قدرات التوليد لعام 2016 غير متاحة حتى الآن، ولكن تكاليف محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية الجديدة قد انخفضت بنسبة 20 في المائة عن العام السابق، في حين بدأت طاقة الرياح البحرية في اللحاق بركب طاقات الرياح البرية السريعة النمو، وذلك بفضل انخفاض تكاليف التوربينات الجديدة بنسبة 15 في المائة في العام الماضي.
على الرغم من ذلك، لا يزال توليد الطاقة من الغاز يعتبر أرخص مصدر لطاقات التوليد الجديدة في أجزاء كثيرة من العالم، هذا وقد نمت طاقات التوليد بالغاز بنسبة 17 في المائة في السنوات الخمس الممتدة من 2010 إلى 2015، وهذا يعتبر مستوى جيدا إلى حد ما بفضل طاقات التوليد الجديدة في الشرق الأوسط وآسيا.
لكن، من المتوقع أن تنمو الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنسبة 16 في المائة ليس كل خمس سنوات، بل كل سنة حتى عام 2021، إلى أكثر من الضعف على مدى فترة السنوات الخمس. كما أن الأساس لم يعد منخفضا لدرجة أن مثل هذا التوسع يمكن اعتباره غير مؤثر، حيث بلغت قدرات توليد الطاقة المتجددة، من دون محطات الطاقة الكهرومائية الكبيرة، أكثر من 15 في المائة من طاقات التوليد العالمية، وأكثر من 10 في المائة من إجمالي الكهرباء المولدة في عام 2015. وهي تنمو بسرعة منذ ذلك الحين.
ولتحقيق هدف الحد من الاحترار العالمي في حدود درجتين بحلول سنة 2100، تعتقد وكالة الطاقة الدولية أن هذا سيتطلب أن تبدأ أعداد محطات توليد الغاز غير المعززة بتقنية احتجاز الكربون بالانخفاض بحلول عام 2030. وهذا فقط 13 عاما من الآن ــــ وهو وقت بالكاد أكثر من دورة التخطيط وبناء مشروع جديد للغاز الطبيعي المسال، وبالتأكيد هذا الوقت ليس طويلا بما فيه الكفاية لمثل هذه المرافق لاسترداد التكاليف. وبطبيعة الحال، سيستمر استهلاك كثير من الغاز بعد وصول الطلب إلى ذروته، ولكن الأسعار ومعدلات الاستخدام تصبح غير متوقعة للغاية في بيئة من انخفاض الطلب.
ما هو أكثر من ذلك، أنه حتى الآن لم يتم تعديل جميع هذه المتغيرات والمستجدات في توقعات الطاقة العالمية لتعكس حقيقة أن الكهرباء من محطات الرياح والطاقة الشمسية الجديدة أصبحت في الآونة الأخيرة من دون دعم أرخص في بعض الأماكن ـــ وستكون قريبا أرخص في عديد من الأماكن ـــ من محطات الغاز الجديدة، أو المحطات التي تعمل بالفحم.
مع ذلك، الغاز لا يزال يوفر جسرا مفيدا نسبيا منخفض الكربون إلى مستقبل كهرباء متجددة، فقط سوف لن يكون جسرا طويلا أو سريع النمو كما يصرح البعض. وإذا كان على الغاز لعب هذا الدور المحدود، فإنه يحتاج إلى أن يزيح الفحم بقوة. ويمكن بالتأكيد القيام بذلك في الغرب وإلى حد كبير حتى في الصين والهند. لكنه يتطلب أسعار غاز منخفضة بما فيه الكفاية، وفي الوقت نفسه توافر حافز للشركات المعنية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال خفض التكاليف.
في الولايات المتحدة، استمرار تداول الغاز لعدة سنوات على التوالي بنطاق 2 ــ 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية أثر كثيرا في استخدام الفحم وحصر دوره، حتى من دون تسعير الكربون في محطات التوليد الكبيرة العاملة بالفحم.
في أوروبا، أسعار الغاز أعلى بكثير، لكن تداول الغاز بنطاق 4 – 7.5 لكل مليون وحدة حرارية بريطانية منذ أوائل 2015 أسهم في جلب سنتين متتاليتين من النمو في استهلاك الغاز بعد أربع سنوات من الانكماش الشديد. كما أن ارتفاع أسعار الفحم أضاف إلى الزخم وراء استخدام الغاز في عام 2016، حيث ارتفع معدل نمو الاستهلاك بنسبة 6 في المائة مقارنة بـ 4 في المائة في عام 2015. على الرغم من أن نظام المتاجرة بالكربون الضعيف لم يكن له أي تأثير تقريبا.
المشكلة بطبيعة الحال، هي أن منتجي الغاز لا يحققون أرباحا بشكل موثوق عند تلك المستويات من الأسعار. لهذا يقترح البعض على الصناعة النظر في دعم بعض الرسوم على الكربون، رسوم الكربون هذه ليس بالضرورة أن تكون عالية، لكنها يجب أن تكون كافية لرفع النقطة التنافسية لأسعار الغاز ضد الفحم.
في هذا الجانب، تقدم المملكة المتحدة مثالا على مدى الفرق الذي يمكن أن يحققه سعر الكربون المتواضع نسبيا على استهلاك الغاز. منذ أن وضعت المملكة المتحدة أرضية تحت أسعار الكربون في نيسان (أبريل) 2013، عندها كان الغاز يوفر 26 في المائة من الكهرباء والفحم 41 في المائة. بعد ذلك ارتفعت حصة الغاز فوق 45 في المائة ـــ على الرغم من التقدم السريع من قبل مصادر الطاقة المتجددة ـــ في حين أن حصة الفحم انخفضت إلى أقل من 7 في المائة. وقد حدث كل ذلك بسعر كربون تجاوز قليلا 20 دولارا للطن في منتصف عام 2016.
في آسيا، حيث عديد من الشركات تبحث عن النمو، المعادلة هناك أكثر تعقيدا. ووفقا لبعض المحللين، فإن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الصين والهند وأجزاء أخرى من شرق آسيا أرخص بنحو 30 في المائة مما هو عليه في الولايات المتحدة و40 في المائة أرخص مما هو عليه في أوروبا. وعلى النقيض من ذلك، كانت أسعار الغاز في آسيا تاريخيا أعلى من أوروبا وأمريكا الشمالية. لذلك فإنه ليس من المستغرب أن الفحم كان في مركز الصدارة على مر السنين. مع ذلك، المخاوف في الصين وأخيرا في الهند من تلوث الهواء القاتل جلبت في الآونة الأخيرة طفرة في استهلاك الغاز، مع نمو بنسبة 6.6 في المائة في الصين في العام الماضي، ويقوم كلا البلدين تدريجيا بتنفيذ إصلاحات لتعزيز استخدام الغاز.

مقالات الكاتب