أساسيات أسواق النفط على المسار الصحيح

تشير معظم الإحصائيات إلى أن الربع الثاني من هذا العام سيشهد للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات تفوق الطلب العالمي على النفط على العرض، ما دام خفض الإنتاج المتفق عليه من قبل "أوبك" و11 منتجا من خارج المنظمة يستمر حتى نهاية حزيران (يونيو).
لكن إذا ما أريد إحراز تقدم كبير في خفض مخزونات النفط العالمية الكبيرة، يتعين على المنتجين تمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى ما بعد الأشهر الستة الأولى من العام. حسب معظم التقديرات، انخفض إنتاج النفط العالمي بأكثر من 600 ألف برميل في اليوم في آذار (مارس)، ليصل إلى 1.75 مليون برميل في اليوم مقارنة بمستوياته في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، عندما بلغ الإنتاج العالمي ذروته. وفي الربع الأول من العام الحالي تجاوزت تخفيضات دول "أوبك" التخفيض المستهدف في الاتفاق الذي بلغ 1.2 مليون برميل في اليوم، ما أدى إلى تحقيق نسبة التزام أكثر من 100 في المائة. في حين كان منتجو الدول غير الأعضاء في منظمة "أوبك" أبطأ في خفض الإنتاج، مع ذلك بلغت نسبة امتثال الـ 11 دولة المشاركة في الاتفاق 74 في المائة في آذار (مارس)، بعد أن انخفض إنتاج النفط الروسي إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر ليصل إلى نحو 11.01 مليون برميل في اليوم. وقد تعهدت روسيا بخفض 300 ألف برميل في اليوم من مستوى إنتاج تشرين الأول (أكتوبر) بحلول نهاية حزيران (يونيو)، وحققت 60 في المائة من هذا الهدف في نهاية الربع الأول من هذا العام.
تراجع إنتاج دول "أوبك" والدول غير الأعضاء في المنظمة في آذار (مارس) أدى إلى وصول الإنتاج العالمي للنفط إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر. حيث بلغت تخفيضات "أوبك" في ذلك الشهر 175 ألف برميل في اليوم مقارنة بشباط (فبراير)، ما أدى إلى انخفاض إنتاج المنظمة إلى ما دون 32 مليون برميل في اليوم للمرة الأولى منذ أيار (مايو) 2016. وقد انخفضت عمليات شحن النفط الخام من دول "أوبك" في منطقة الشرق الأوسط بمقدار 1.4 مليون برميل في اليوم في الربع الأول مقارنة بما كانت علية في الأشهر الثلاثة السابقة، ما أدى إلى حدوث بعض الخلل في سلسلة التوريد، وهذا من شأنه أن يقلل من وصول شحنات النفط الخام إلى المصافي خلال هذا الربع. وكان أكبر انخفاض في آذار (مارس) في الإنتاج من خارج منظمة أوبك، حيث انخفض إنتاج النفط الخام والمكثفات لهذه المجموعة بمقدار 440 ألف برميل في اليوم مقارنة بشباط (فبراير). ولكن معدل الانخفاض يتباطأ مع بدء تعافي الإنتاج الأمريكي. تجدر الإشارة هنا، إلى أن الإنتاج من خارج دول "أوبك" في الربعين الثاني والثالث من العام الماضي كان قد انخفض بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم عن الفترة نفسها من العام الذي سبقه.
في آذار (مارس)، كان الانخفاض في الإنتاج من خارج "أوبك" على أساس سنوي فقط 360 ألف برميل في اليوم. لقد ارتفع الإنتاج الأمريكي في ذلك الشهر فوق مستوى 9.0 ملايين برميل في اليوم للمرة الأولى منذ ما يقرب من عام. حيث إن الإنتاج من تشكيلات النفط الصخري الرئيسة السبع التي يغطيها تقرير إنتاجية الحفر لإدارة معلومات الطاقة مستمر في الارتفاع على أساس شهري، ذلك أن إنتاج الآبار الجديدة يتجاوز معدلات الانخفاض بمقدار هامشي. من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بنحو 125 ألف برميل في اليوم في أيار (مايو)، وفقا لما ذكرته إدارة معلومات الطاقة، مدعوما بزيادة كبيرة من تشكيلات الحوض البيرمي Permian Basin وتشكيل إيجل فورد ـــ وكلاهما في منطقة ساحل الخليج في الولايات المتحدة. لقد أدت الزيادة التدريجية في إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة، إغلاق المصافي لعمليات الصيانة المكثفة وارتفاع الواردات إلى تراكم مخزون كبير على ساحل الخليج. ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط الخام في المنطقة مقارنة بالنفوط القياسية الأخرى، ما شجع على زيادة الصادرات في الربع الأول من العام. في هذا الجانب، ذكر تقرير إدارة معلومات الطاقة أنه تم تصدير أكثر من 900 ألف برميل في اليوم خلال شباط (فبراير)، مع زيادة عدد الشحنات المتجهة إلى آسيا ـــ المحيط الهادئ. ولكن انتهاء موسم الصيانة سيعمل على خفض الخزين المتراكم.
مع ذلك، على المنتجين العمل أكثر لاستقرار الأسواق ودعم الأسعار. لذلك من شأن استمرار اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية هذا العام أن يكون له أثر مباشر في معدل تراجع مخزونات النفط، حيث إن الطلب يكون أقوى عادة بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم في الربعين الثالث والرابع من الطلب في الأشهر من كانون الثاني (يناير) إلى حزيران (يونيو). في هذا الجانب تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن معظم نمو الطلب على النفط لهذا العام سيأتي في النصف الثاني من العام، ما يؤدي إلى تسارع وتيرة تراجع مخزونات النفط العالمية، طالما أن "أوبك" تستطيع أن تبقي إنتاجها بالقرب من مستويات آذار (مارس) عند 32 مليون برميل في اليوم. من شأن العودة إلى مستويات الإنتاج ما قبل الاتفاق، إلى جانب الانتعاش المتوقع في إنتاج النفط الصخري الأمريكي، أن يؤدي إلى ارتفاع المخزونات مرة أخرى، ما يضع ضغوطا تنازلية على أسعار النفط.

مقالات الكاتب