صناعة السيارات والنفـط والتنميـة

العالم يحث الخطى للانتقال إلى عالم جديد في صناعة السيارات. وهذا الانتقال يسير في اتجاهين مآلهما نفس الطريق. الاتجاه الأول هو صناعة السيارات ذات المحركات الكهربائية بدل محركات الاحتراق الداخلي التي نستخدمها في الوقت الراهن. والاتجاه الثاني هو صناعة السيارات الالكترونية بدون سائق.

 

وإذا كان الاتجاه الثاني، الذي تتزعمه الشركات الأمريكية بقيادة شركات التقنية، وعلى رأسهم جوجل وربما شركة أبل، لا يزال في طور المخاض فإن الاتجاه الأول الذي تتقدم فيه الصين على غيرها قد أصبح أمراً واقعاً. بل إنه يتطور بسرعة خارقة سوف تكتسح الأسواق قريبًا. وما يدفع إلى هذا الاعتقاد الشواهد التالية:

تضاعف إنتاج الصين لهذا النوع من السيارات. ففي خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الماضي أنتجت الصين 240 ألف سيارة ما بين كهربائية وهجينة. وهو ضعف ما أنتجته عام 2015.

توجه شركة فولفو للتوقف عام 2019، أي بعد عامين فقط، عن إنتاج محركات الاحتراق الداخلي والانتقال إلى إنتاج المحركات الالكهربائية والهجينة.

إعلان شركة فلكس واجن عزمها على إنتاج 30 موديلاً جديداً من السيارات الكهربائية والهجينة بحلول عام 2025.

 

إعلان فرنسا في يونيو الماضي عزمها التوقف بحلول عام 2040 عن بيع السيارات بمحرك البنزين.

 

إعلان بريطانيا الأربعاء الماضي عن نفس التوجه الفرنسي.

إعلان عمدة موسكو أن العاصمة الروسية سوف تستغني خلال الـ3 سنوات القادمة عن الباصات التقليدية وتحل محلها الباصات الكهربائية.

وعلى ما يبدو فإن التوجه الذي تقوده الولايات المتحدة والتوجه الذي تقوده الصين سوف يندمجان مع بعضهما في المستقبل. فالثورة الصناعة الرابعة سوف تؤدي من كل بد إلى التخلي عن السيارة التقليدية لتحل محلها السيارات الالكترو-كهربائية.

 

وهذا أمر يهمنا من ناحيتين على الأقل. الأولى هي أن هذا التوجه سوف يقلص إلى حد كبير استهلاك البنزين. وهذا لا يصب في مصلحتنا. لأن استخدام أصحاب السيارات للبنزين والديزل يشكل نسبة كبيرة من الطلب على الوقود في العالم. وعلى هذا الأساس فإذا توقف إنتاج محركات الاحتراق الداخلي وحلت محلها المحركات الكهربائية فإن الطلب العالمي على الطاقة سوف يتقلص بنسبة كبيرة. وهذا بالتأكيد سوف يضغط على أسعار النفط ومؤشرات التنمية خلال الفترة القادمة.

 

الأمر الآخر هو ما يبدو علينا من تجاهل للتغيرات. وهذا ربما يعود إلى أن المملكة، تقليديًا، لا تحبذ أن يجرب عليها أحد صناعته. ولكن كل الدلائل تشير إلى أن الوقت قد حان للبدء بإنشاء محطات للسيارات الكهربائية التي سوف تدخل أسواقنا قريبًا.

 

نقلا عن صحيفة مال الإقتصادية