من التعويم المدار الى التعويم الحر

مترتبات القرار الذي اتخذه مجلس ادارة البنك المركزي اليمني بتاريخ 14 اغسطس 2017 ،  خطيره جدا وستنعكس على قيمة الريال الداخليه والخارجيه( سعره في التقييم الجمركي )  .
وبالتالي ابشروا بإرتفاعات متصاعده للاسعار .
طالما لاتتوفر مقدره لدى المركزي للتدخل في سوق الصرف لخلق التوازن بين العرض والطلب فإن القرار غير صالح في ظروف اليمن الراهنه، سيما وأن الاصول الخارجيه للبنك المركزي قد استنفدت ولم تتمكن الحكومه من الترتيبات مع دول التحالف من ضمانها بوديعه دولاريه او من صندوق النقد الدولي بقرض او اي صورة اخرى مما هو متاح .التعويم الحر ( غير المدار) يكون مفيدا عندما تركن الدوله على احتياطيات دوليه تغطي استيراداتها لأشهر عديده وليس كما هو وضعنا الان ..
 
اكثر التأثيرات حده بسبب هذا القرار ستظهر في العجز المتزايد لميزان المدفوعات . وتحديدا في الحساب الجاري . وذلك بسبب ارتفاع قيمة الواردات . وإن كان له تأثيرات ايجابيه في رفع مقدرة تنافسية سلعنا المصدره لكن في هذا الجانب معظم صادراتنا (90بالمئه ) هي النفط والغاز . وهذه اسعارها العالميه لاتتحدد في اطار التنافسيه ولكن تتحدد خارج الإطار الاقتصادي . ضف الى الى ذلك ما سيترتب على قيمة الدين الخارجي من زيادة وارهاق لكاهل الهيكل الاقتصادي .
 
كان الأولى ان يتخذ مجلس ادارة البنك المركزي مصفوفه متكامله من الاجراءات النقديه التي تخدم اهداف هذا القرار إن كان  من اهدافه  الحفاظ على ماء الوجه للريال المتهاوي منذ حوالي عام.
 
من أخطر ما تواجه السياسه النقديه ،  التصريحات الاعلاميه التي تربك السوق النقديه قبل ان تظهر تأثيرات اي اجراءات نقديه . وهذا ما حدث ويحدث الان .إذ يتدافع الناس لتحويل ما لديهم من ريالات الى دولارات . الامر الذي يفقد الثقه بالريال وبالتالي تعود من جديد ظاهرة الدولره التي مافتئت أن اختفت خلال السنوات الماضيه من خلال إجراءات برامج التصحيح والتكييف الهيكلي والتي تحمل كلفتها الباهظه الاقتصاد اليمني برمته . 
 
أ.د/ محمد عمر باناجه

مقالات الكاتب