الْيَوْمَ مع دفعة السلام والأمل بجامعة العلوم والتكنولوجيا

وعبدالله عبده حيدره هو الأفضل والأول!

قبل عام تقريبا وبينما كنت في الطريق الى محافظة لحج لفتت انتباهي لوحة أعلانية كبيرة على سارية مرتفعة بجانب الخط العام، توقفت لبرهة للنظر الى تلك اللوحة المرتفعة حوالي عشرة أمتار في الفضاء فإذا بها تحمل صورة ابننا العزيز عبدالله عبده حيدره المحبشي شاب وسيم في الثانية والعشرين من عمره، بالزي الجامعي الطبي، مع تعليق، يشير اليه ( هذا هو الطالب المثالي) أسعدني ذلك الأعلان الجميل وهنئت عبدالله على الفوز به، ولاحظت أن اللوحة مرفوعة على طول الخط العام من عدن حتى الحبيلين، ولما كنت أعرف الشاب عبدالله منذ طفولته وما يتحلى به من أدب جم وخلق رفيع لم استغرب فوزه بلقب الطالب المثالي في جامعة العلوم والتكنولوجيا، ولكنني كانت أتمنى أن يكون هذا التكريم لتفوقه الأخلاقي مشفوعا بتفوقا علميا أكاديميا موازيا، حتى تكتمل الفرحة بالنجاح، وهذا الأمنية الغالية هي التي تحققت صباح الْيَوْمَ وشهدتها بنفسي في قاعة الفخامة في حفل تخرج الدفعة الثانية عشرة من طلاب وطالبات الجامعة، بحضور الاستاذ الدكتور وزير التعليم العالي الزميل حسين عبدالرحمن باسلامه، والأخ الاستاذ وكيل محافظة عدن محمد المفلحي وجمع كريم من الأكاديميين واوليا أمور الطلبة الخريجين الآباء والامهات والأقارب، وكوكبة المحتفي بتخرجهم من الطالبات والطلاب. ذهبت الى هناك بدعوة كريمة من نائب رئيس الجامعة، معي أخي مهندس طيار صالح ابو مهيب رئيس مجلس إدارة مدرسة الصداقة العربية الصينية لمشاركة ابناءنا المتخرجين وعبدالله عبده حيدره من قسم المختبرات الطبية والطالب النجيب عبدربه زين يوسف المحبشي من قسم المحاسبة فضلا عن اولاد وبنات عدد من الأصدقاء الأعزاء ومنهم الصديق العزيز القاضي المخضرم غالب بن غالب الراشدي والأخ العزيز ناصر علوي حسين، وغيرهم من الأعزاء. في قاعة الفخامة، وصلت القاعة ووزير التعليم العالي أ.د . يلقي كلمته، بعدها مباشرة أعلن مقدم الحفل فقرة كلمة الخريجين يلقيها عبدالله عبده  المحبشي، وما كان مني الا أن اعتدلت في مجلسي وتسألت يا ترى ماذا سوف يقول هذا الطالب الخجول في حفل مهيب وفخم مثل هذا؟! إذ لم أعهده الا قليل الكلام مسكون بالصمت الحليم، اعتلى عبدالله المنصة وقبض على المكرفون وبدأ يتلوى كلمته بثقة عالية وصوت جهور ولغة عربية سليمة شدت إسماع الجمهور بالقاعة، غير أن ما أثار اعجابي وجعلني أكاد أطير من الفرح هو قوة الكلمات وبلاغتها الرائعة في التعبير عن المعنى، معنى الكفاح للوصول الى تلك اللحظة ومنى الإنجاز في التخرج ومعنى التكريم، كانت كلمة قلما استمعت لمثلها من لسأن طالب خريج، إذ كانت شكلا ومضمونًا أكبر من سنه بكثير! وهذا ما دفعني لسؤاله بعد نزوله من المنصة مباشرة: من كتب هذه الكلمة: أبتسم بثقة وقال : أنا كتبتها البارحة. شدِّيت على يده وقلت أحييك اثلجت صدري يا بطل. أنا فخور بك ولَك مستقبل زاهر ولا خوف عليك.
وهاكم الكلمة بين هلالين

(( أيها الحفل الكريم :
للإنسانِ في عمرهِ محطات كثيره يتنقلُ بينها , راغباً مره ومُكرها أخرى , وحينَ حطت بنا عصى الترحال على ثرى "جامعة العلوم والتكنولوجيا" وفي رحابها كانت هذه المحطة من أغنى محطاتِ الحياة , ونقطةُ تحولٍ لكلِ واحدٍ منا ..
وها قد مضت تلك الأعوامُ التي بدأنا فيها المسير سنينَ مضت ,لن اقول انها مرًت كلمحِ البصر , أو انها كانت خفيفة الظلِ والسفر , بل كانت أعواماً مُلاً بالجد والاجتهاد , باللين حينا, وحيناً آخر بالعناد , مرت تلك الايام وحملت إلينا أناساً نعيشُ بهم وزملاءً نسمو بهم وعلماءً نفتخر بهم ..
وما الفضلُ إلا للأهل العلم إنَهمُ .. على هدى لمنِ استهدى أدلاءُ ..
وقيمةُ المرءِ ما قد كان يُحسنه ..والجاهلونَ لأهلِ العلمِ أعداءُ ..
ففزْ بعلمٍ ولا تطلب به بدلاً .. فالناسُ موتى وأهلٌ العلمِ أحياءُ
فلكم منَا أساتذتنا الأفاضل كل الحب والشكر والامتنان لما بذلتموه معنا من جهدٍ طيلة هذه السنوات ولما زرعتموه فينا من علمٍ , وأدبٍ ,ورغبهٍ صادقهٍ في البحث والعمل ..
أيها السيدات والساده ..لم اجد في الكونِ أعظمُ مثالاً يُضرب به في الايثارِ والحبِ والتضحيةِ أعظم من الوالدين وحبهما ..
رباهُ ما أعظمكما يا وصية الآلة !
فشكراً لكل دمعهِ فرحٍ على مُحياكما , وشكرا لذلك الشَيبُ وتلكَ التجاعيدُ التي تروي قصةَ حبٍ وروعةَ النفس ,وشكرا لكل نبضة حبٍ وخوفٍ وفخر ..
شكراً كما قد قالها التاريخ للمطر..
إذ حين يهطل فوقنا نخْضَرُ كـ الشجرِ ..
شكراً كهذا الشكرُ يا أماه من قلبي ..
شكراً وما في الشكر يا أبتي لمِن قدر ..
و يا ليت شعري منصفاً شكري ..
 
ها نحن خريجو الدفعة "الثانية عشر" نقفُ بين أيديكم.. يختلطُ نجاحنا بدموعِ امٍ عجنتِ الحياءَ بماءِ روحها لترى هذا اليوم .. وبشموخِ أبٍ أفنى عُمرهُ من أجلِ هذهِ اللحظات ..
 
وفي الختام ..ندعو لهذه الأرضُ الطيبة "بلادي عدن الحبيبة " أن يحفظها ربي من كل سوء ومكروه ..
فيا بلادي مثلما يكبر فيك الشجر الطيب ..
نكبر ..
فأزرعينا فوق أهدابكِ ..
زيتوناً .. وزعتر ..
وأحميلينا أملاً مثلَ صباحِ العيدِ ..
أخضر ..
وأكتبي أسماءنا ..في دفتر الحبِ نشامى ..
يعشقون "الورد" لكن ..
يعشقون "الأرض" أكثر ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته))

تمنيت أن يكون معنا الدكتور مهدي الحاج عميد كلية الصيدلة السابق ونائبه د.محمد الدابي وهذا الأخير زميل  من بغداد الذان رفضا قبوله على النفقة الخاصة بالكلية قبل خمس سنوات رغم أن لديه تعليمات بالقبول من الزميل العزيز الدكتور محمد بن لزلم مسجل عام الجامعة ودرجة بالثانوية العامة ?? درجة، أذاقوه المرّ بالمتبعات لمدة شهرين وخسر من أجل ذلك الكثير من الوقت والمال ولَم يحوق فيهما لا عيش ولا ملح ولا زمالة ولا توجيهات ولا شهادة ودرجة علمية.
وحينما انسدت بوجه كل السبل في دخول كلية الصيدلة بجامعة عدن ذهب عبدالله مكسور الخاطر الى كلية العلوم والتكنولوجيا وبالنفقة الخاصة درس التخصص الذي كان يريده مختبرات طبية، وكان منذ العام الدراسي الأول مثال للطالب الجامعي المثابر والمتفوق إذ احتفظ بالمرتبة الأولى منذ السنة الأولى وهاهو الْيَوْمَ
يحصد النتيجة المشرفة الطالب الأفضل والأول بالدفعة بلا منازع.
فالف مبارك عليك عبدالله هذا النجاح
الجدير بالفخر والاعتزاز وتمنياتي لك بالمزيد من التفوق والازدهار، والله يسامح من أحرم جامعتنا الحبيبة جامعة عدن من نيل شرف حمل شهادتها. فكم هي المواهب الواعدة التي أجهضت بسبب الفساد في جامعة عدن الحانية. وكذلك كان الحال من الطالب المتفوق عبدربه زين يوسف المحبشي الذي عانى الكثير في سبيل الالتحاق بجامعة عدن فسدت ابوبها في وجهه، فكانت جامعة العلوم والتكنولوجيا هي خيار الضرورة، ورب ضارة نافعة! فها هو الْيَوْمَ يحرز نتيجة مشرفة الثاني على دفعتة تخصص محاسبة.
فالف مبارك عليك التفوق عبدربه ومزيدا من التفوق والنجاح.
ومبروك لأولاد القاضي العزيز غالب بن غالب فريد النجاح والتفوق في كلية الصيدلة.
وأجمل التهاني والتبريكات لكل الخريجين والخريجات الْيَوْمَ من جامعة العلوم والتكنولوجيا واولياء امورهم.
وشكرا للجامعة وأدراتها على تخريج هذه الكوكبة اليانعة، وعلى منحي ترسها. وبالعلم والتعليم نكون أو لا نكون! وليس بمقدور أحد كبح جموح الطاقات الشابة التواقة للعلم والمعرفة ، والأثر دليل على المؤثر!
كان حفل سعيد وبهيج جعلنا لبضعة ساعات ننسي الحرب والعاصفة ومدراتها الحزينة.

مقالات الكاتب