اللصوص الأعداء

"نهب ضحايا المؤسسات المفلسة تم بإذن خامنئي"
علي لاريجاني، رئيس مجلس إيران التشريعي

هناك مثل ألماني شهير يقول "ذاك الذي يسند السلم للسارق، ليس أقل منه شرا وسوءا وخطرا". وهذا ينطبق بقوة على وضعية رئيس إيران السابق أحمدي نجاد، ورئيس النظام الإيراني الحقيقي علي خامنئي. وإسناد السلم بينهما، كانت عملية متبادلة. أي مرة يسندها خامنئي المهووس بالنهب والسرقة والخراب لنجاد، ومرة يسندها هذا الأخير لـ "المرشد". مرة يرشد المرشد الرئيس السابق إلى مكامن النهب! ومرة يرشد هذا الرئيس المرشد نفسه إلى مكامن السرقة! لنترك جانبا "الزهد" المفتعل المفضوح عن الإثنين. فكم من مجرم أو لص أو سفاح تغطى بمثل هذا الزهد. علاقة النهب كانت متبادلة خلال فترة رئاسة نجاد للبلاد، وأدوات التغطية كانت أيضا متبادلة. يستخدم نجاد هذه الأدوات خوفا من "مرشده"، ويستخدمها المرشد حرصا على سمعته التي لم تبق منها الواقع شيئا.
أحمدي نجاد انتهى رئاسيا وسياسيا، وانتهى أكثر لأنه تحدى "مرشده" وكشف جانبا من عمليات النهب التي قام بها خامنئي نفسه مباشرة. هذه عمليات يعرفها الحرامي أكثر من رجل الأمن. وهي طبعا تمت في زمن وجود نجاد في السلطة. وعلى كل حال هذا الأخير لا يستهدف من ذلك، نشر النزاهة في الأجواء الإيرانية. فهذه النزاهة لا يمكن أن تظهر على الساحة هناك في ظل وجود النظام الإرهابي المخرب في السلطة. لكن لا بأس في فضح اللصوص بعضهم بعضا. يحدث ذلك كثيرا في كل مكان. فضائح اللصوص كثيرا (أيضا) ما أدت للقبض عليهم. في حالة خامنئي لن يقبض عليه، ولكن سينال فضيحة أخرى من سلسلة الفضائح التي نالها في السنوات الماضية. فضيحة أطلقها حرامي آخر يعرف الخبايا.
أن يخرج نجاد ويقول علنا، إن خامنئي نهب أكثر من 190 مليار دولار، أمر مثير بالفعل! ليس لأن المرشد ظهر "حراميا" فهو كذلك، لكن لأن الأموال التي أعلن عنها الرئيس السابق كبيرة بالفعل. ولأنه يؤكد أنه يعرف كيف تم نهبها ومن أي المصادر أتت. نعلم أن آية الله خامنئي يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد الوطني الإيراني، ونعلم أيضا أن ما يسمى "الحرس الثوري"، يريد وحده أموالا قدرت بنحو 100 مليار دولار. ونعرف أيضا طبيعة "الاستثمارات" الدنيئة لخامنئي وحرسه المتأرجحة بين المخدرات والتهريب وغسل الأموال في بلدان مختلفة. لكن أن يطلق نجاد هذا الرقم كأموال منهوبة، هذا الذي يتطلب الوقوف عنده، لسبب واحد، هو أن الرئيس السابق كان يعرف.
الأموال المنهوبة التي تحدث عنها تبدو منطقية، لأنها أتت من مؤسسات متعددة على الساحة الإيرانية، بعضها انهار من جراء تعثر الاقتصاد الإيراني نفسه، غير أن قيمتها الباقية تحولت (ربما بقدرة المهدي "الضائع") إلى مؤسسات تحت إشراف مباشر لمكتب خامنئي. منها مثلا، تعاونية الحرس الثوري، وتعاونية الجيش، ولجنة الخميني الخيرية، وغيرها. كما أن نسبة من هذه الأموال ذهبت إلى تمويل عمليات الإرهاب التي تقوم بها إيران هنا وهناك، فضلا عن تمويل حروبها الدنيئة في سورية والعراق واليمن ولبنان أيضا. ويقول معارضون للمرشد الضال، إن أموالا تذهب من تلك المنهوبة إلى تأسيس خلايا إيرانية نائمة حول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا. والحق أن خامنئي استفاد منها، بعد أن شكل تمويله للحروب عبئا ثقيلا على الميزانية العامة، أدى (كما يعترف حتى بعض المؤيدين للمرشد) إلى توسع نطاق الفقر في البلاد، وانهيار الطبقة المتوسطة فيها، وارتفاع عدد الأسر التي تعيش في الكهوف، واضمحلال الإنفاق على الخدمات العامة.
مرشد "الثورة" لم ينتظر طويلا على أحمدي نجاد، فقرر اعتقاله لفترة بسيطة في أحد المهرجانات المحلية، وأمر مؤسساته الإعلامية بشن حملة لم تتوقف إلى الآن على الرئيس الإيراني "الحرامي" السابق. ومؤسسات المرشد خبيرة (كما هو معروف) بملاحقة منتقديها، وقتل معارضيها. لم تتوقف أيضا عن اعتقال كل المؤيدين لنجاد، ولا سيما أولئك الذين عملوا معه في الحكومات التي رأسها. فهؤلاء يشكلون خطرا كبيرا على خامنئي، لأنهم ببساطة يعرفون الحقائق أيضا، بصرف النظر عن مدى تورطهم هم في الفساد والنهب في فترة وجودهم في السلطة. وزاد الأمر خطورة أكبر، عندما انتقل هؤلاء من الحديث عن النهب الأكبر من جانب الإمام الأكبر، إلى القمع والأجواء الأمنية في البلاد، وإخفاء القضايا الأساسية عن الشعب.
ليس هناك إثارة تشبه الإثارة الناتجة عن فضح المجرمين واللصوص بعضهم بعضا. فكل شيء يتقاذفونه حقيقي وصادق. وهذا الشيء الوحيد الذي يصدقون به. أما الأشياء الأخرى، لا تخرج عن إطار الكذب الممنهج، والتضليل المنظم، والخراب الاستراتيجي سواء في مشاريعهم الوطنية، أو تلك التي يقومون بها خارج النطاق الوطني. إن العصابات عادة ما تصفي بعضها بعضا، وفي الحالة الإيرانية الراهنة إنها تفضح بعضها، ولا بأس من تصفيه هنا واعتقال هناك.

 

مقالات الكاتب