أهمية التسامح في بيئة العمل «2 من 2»

عادة ما تترجم ردة فعل من يتولون مناصب قيادية في حال شعورهم بالظلم عبر الغضب أو الرغبة في الانتقام، لكن هنا تجب الإشارة إلى أن أحد مقومات القائد المثالي، التي تميزه عن نظيره التقليدي، تكمن في القدرة على المسامحة والابتعاد عن الغضب، وتجنب إلقاء اللوم على الآخرين. قد يبدو التسامح مستحيلا، لكن في المقابل قد يكون ثمن الأحقاد والتوتر باهظا جدا. وهنا يقول دو فري: "قد يعتقد البعض أن الكره أسهل من المسامحة، لكن مشاعر الحقد قد تسيطر على مشاعر الإنسان بأكملها، وتحول الحياة بأكملها إلى سلسلة من الانتقام والكره". لقد أظهرت عديد من الدراسات، أن الكره يولد اضطرابات وضغوطا نفسية، تترك آثارا سلبية على نظام المناعة عند الإنسان، وقد تؤدي إلى الاكتئاب والقلق وظواهر عصبية أخرى. وعادة ما تتعرض العلاقات المجتمعية، سواء ضمن العائلة أو مع الأصدقاء أو مع فريق العمل، لعديد من الإشكاليات والحساسيات الشخصية، وهو ما يحصل كثيرا ضمن محيط العمل في وقتنا الحالي، الذي يعتمد على شبكة العلاقات الشخصية التي يبنيها الموظف الناجح. يشير دو فري إلى أن القادة المثاليين عليهم أن يكتسبوا بعض الصفات لتحسين قدرتهم على التسامح، ويضيف: "على القائد أن يتعاطف مع الآخرين، وأن يضع نفسه في مكانهم لتقييم الأفعال، وردود الأفعال، وتحديد مسببات ودوافع أي موقف قد يتخذه الشخص الآخر، كما يجب أن يتميز القائد بالقدرة على التحكم العاطفي". ويلفت إلى ضرورة إدراك مشاعر الحنق ساعة الغضب، وتذكر آخر موقف للغضب وما كانت نتائجه السلبية، وهنا على المرء أن يفكر في تداعيات الموقف، ومحاولة الاسترخاء والابتعاد عن الغضب، ويتابع دو فري قائلا: "القدرة على التسامح تتطلب قدرا كبيرا من النضوج، وعلى من يغضب أن يتذكر نيلسون منديلا وسنوات سجنه الـ27، فمن المؤكد أنه غضب كثيرا، لكنه تعلم السيطرة على مشاعره مع مرور الوقت"، وينصح من يجد صعوبة في التسامح، أن يتذكر أن الحياة سلسلة من تجارب التعلم، وأن جميع المواقف التي نمر بها تجعلنا أكثر حكمة ونضوجا وخبرة. ويوضح دو فري أن التسامح لا يعني النسيان، فالتسامح الواقعي يعني علاجا للذاكرة مما حصل وليس إلغاء الذاكرة، ويضيف: "التسامح يعني أنك لم تعد سجينا للماضي، فالقائد المثالي على غرار مانديلا وغاندي أدركا ذلك تماما، فإن نسامح لا يعني أننا نغير الماضي، لكن يمكن لنا أن نغير المستقبل".

 

مقالات الكاتب