أزمات مالية ونقدية ومستحقات ضائعة

■ انتهى العام 2023 ونحن على مشارف أزمة لا يبدو أن لها مخرج في القريب العاجل، وستمس موظفي الدولة بشكل خاص، إذ من المفترض أن يستلم الموظفون رواتبهم لشهر ديسمبر قبل موعد الراتب لبقية أشهر السنة، ولكن هناك أزمة سيولة يعاني منها البنك المركزي الذي لم يستطع توفير المبالغ المطلوبة للرواتب ناهيك عن العلاوات المتأخرة لسنوات والتي أفرجت عنها وزارة المالية في ظل معاناة البنك المركزي من توفير مبالغ الرواتب. 


وعلى الرغم من الظلم في احتساب العلاوات المتأخرة إلا أن الموظف يريد ولو بصيص أمل يخفف من معاناته المتكررة بشكل يومي نتيجة عدم توافق الرواتب مع أسعار احتياجاته من السلع والخدمات. 


إضافة إلى تدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية وكالعادة عدم مبالاة المركزي بها. حيث تجاوز سعر صرف الريال اليمني حاجز ال 400 ريال يمني مقابل الريال السعودي وهذا مؤشر خطير على سرعة الانهيار لما تبقى من ملامح لأجهزة الدولة النقدية والمالية.


دخلنا في العام 2024 وموظفي الدولة بدون رواتب، والأمر مرهون بوصول حصة دعم الموازنة العامة في بند المرتبات بسبب عدم كفاية الحصة السابقة من المنحة الأخيرة المقدمة من المملكة العربية السعودية. في ظل عدم وجود بوادر لوصول منحة أخرى فالمركزي مضطر لمعالجة الأمر من خلال صرف المرتبات مما يودع لديه من الإيرادات العامة للدولة المتوفرة حالياً، مع مماطلته للضغط على السعودية للتعجيل بالمنحة، والتي بدورها تتعمد تأخيرها للضغط على الحكومة للتوقيع على ماتفقت عليه مع الحوثي كمخرج للأزمة اليمنية.

في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار دون وجود حلول ومعالجات منذ فترة طويلة، في حين بعض المحافظات ترفض أي تدخل في أسعار المشتقات النفطية وعدم توريد إيراداتها لخزينة البنك المركزي في عدن ورضوخ الحكومة لهذا الأمر، بينما بقية المحافظات تحت سيطرة الشرعية ملتزمة بتوريد جميع إيراداتها ومستسلمة لقرارات رفع أسعار المشتقات النفطية دون أي اعتراض.


إن من أبرز المخارج والحلول للمواطن في كافة أنحاء الجمهورية لا زلنا نؤكد على سرعة التوقيع على أي اتفاق سياسي ينهي هذه المرحلة التي أثقلت على الجميع ونؤكد على ضرورة سرعة دمج البنك المركزي في عدن وصنعاء كما نؤكد على تفعيل الرقابة على إيرادات الدولة للاستفادة منها والتقشف في النفقات المتضخمة ومعالجة الفجوة في الدورة النقدية إذ ليس من المقبول كمية الأموال المطبوعة في السنوات الأخيرة تختفي من السوق ومن التداول دون أسباب. حيث اضطر المركزي لصرف المرتبات لنوفمبر من فئة 200 ريال و 100 ريال، مع تفعيل دور الأجهزة الرقابية للتخفيف عن كاهل الموظف 


بدأ العام الجديد وكمثل الأعوام الماضية دون الإعلان عن الموازنة العامة للدولة كبقية دول العالم نتيجة الوضع الحالي في اليمن الذي لا يبدو ان المخرج قريب منه من خلال الوضع الذي يعايشه المواطن، وصمت مريب من قبل الجميع.


مع محاولة وزارة المالية معالجة التلاعب بالمرتبات الوهمية والازدواج الوظيفي ففي نهاية كل شهر وفي وقت صرف المرتبات تعمم إجراءات جديدة للحد من التلاعب والتي كان من الأفضل أن تصدر تلك التعميمات قبل موعد استحقاق الراتب للتخفيف عن الموظف الذي لا يكفيه المرتب من الأساس. ونطالب من وزارة المالية نشر نتيجة تلك الإجراءات عن الأشهر الماضية حتى نشعر أن سياستها وإجراءاتها قد حققت ولو جزء بسيط من أهدافها، وتبعث الطمأنينة بأنها لم تصدر عن عبث.

*أستاذ العلوم المالية والمصرفية المساعد بجامعة حضرموت

مقالات الكاتب