العام الحالي 2024 سيكون عاماً فارقاً وصعباً.؟!

■ منذ نهاية 2016 وحتى نهاية 2021  ظلت حكومة الشرعية تعتمد في صرف رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين في غياب أي استثمار  على مصدر تضخمي من خلال عملية  طباعة النقود بدون غطاء من العملات الأجنبية خلال هذه الفترة كلها  فقد البنك المركزي استقلالية ولأسباب موضوعية وتحول إلى ملحق تابع  للحكومة  وخلالها  اقرض البنك المركزي الحكومة نحو أربعة تريليون ريال على الرغم أن قانون البنك المركزي لا يسمح باقراض الحكومة إلا بنسبة 25في المائة من حجم موازنة الدولة للعام السابق .


لكن هذه العملية النقدية كان لها ٱثارها وتكلفتها الاقتصادية والاجتماعية حيث  ارتفع معدل التضخم في نهاية الفترة إلى أكثر من  80 في المائة حدث ذلك على الرغم  من اسئناف صادرات النفط  من حقل المسيلة في  نهاية عام  2018 و بكميات محدودة وارتفعت كمية الصادرات النفطية   نسبيا في السنوات اللاحقة، لكن الدولة كانت تحصل على 50في المائة فقط من قيمة الصادرات حيث توزع النسبة المتبقية على شركة المسيلة والسلطة المحلية بحضرموت وبنسبة  30و20في المائة على التوالي وكان نصيب الدولة من صادرات النفط ينفق كرواتب لشاغلي المناصب العليا والسلك الدبلوماسي ومساعدات الطلاب في الخارج ودعم المؤسسة العامة للكهرباء في عدن ومناطق الشرعية الأخرى فيما تكلفة رواتب الجهاز المدني والعسكري ظل يعتمد على مصادر تضخمية تقريبا في معظمها على مصادر تضخمية.


في اكتوبر 2022  توقفت صادرات النفط لظروف قاهرة باتت معروفة و فقدت معه  الحكومة  عوائد صادرات النفط  ودخل الاقتصاد في أزمة عميقة.


منذ يناير 22 واصل البنك المركزي إقراض الحكومة بهدف تغطية الإنفاق على رواتب موظفي الدولة إلى جانب ماكان يدره ميناء عدن من موارد  ولكن هذه الفترة  ليس عبر الاصدار التضخمي للنقود  وانما من عوائد بيع الدولار عبر المنصة الإلكترونية من خلال عمليات المصارفة التي بدأ المركزي  من خلالها سحب فائض السيولة من السوق والتي بدأت عمليا في اكتوبر 21 غير أن إعادة صرف البنك المركزي عوائد المصارفة كرواتب قوض هدف البنك المركزي في سحب فائض السيولة هذا الوضع كان يوفر ظروف مثالية  عمليا إلى تصاعد عمليات المضاربة في سوق الصرف الأجنبي طالما وحجم المعروض النقدي الكبير الذي نتج عن الاصدار التضخمي للنقود  بقى على حالة   ثابتا في السوق وفي مخازن التجار والصرافين .ومع انتقال الاستيراد عبر ميناء الحديدة بمافي ذلك استيراد النفط ازداد الوضع الاقتصادي في مناطق الشرعية سوءا وفقد الموازنة نحو ترليون ريال سنويا .


في النصف الثاني من العام المنصرم حصلت الدولة على منحة سعودية بمقدار مليار ومئتين مليون دولار  حيث خصص المليار الدولار لتمويل رواتب موظفي الدولة وفق شروط تلزم الحكومة بإجراء إصلاحات اقتصادية والتخلص من الأسماء المكررة والمزدوجة في رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين فيما تم تخصص المئتين مليون الدولار للرئاسة بحيث تتوقف الموازنة العامة في تمويل النفقات الرئاسية للأعوام 23و24. 


منذ أغسطس 23 توقف البنك المركزي على تمويل رواتب  موظفي  الدولة والنفقات التشغيلية  وأصبحت تصرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين لأول مرة  من المنحه السعودية لكن تمويل الرواتب الشهرية من المنحة السعودية دائما مايخضع للمراجعة من قبل الدولة صاحبت المنحة وهو ما يفسر تأخر صرف رواتب الموظفين الذي يخلق ضغوطا وتحديات حقيقية لدى أصحاب الدخل المحدود خاصة مع تٱكل دخولهم الناتج  عن التضخم وفقدان النقود لقيمتها .


في العام 24 ستزداد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءا لأن صادرات النفط لازالت متوقفة وتدخلات البنك المركزي من خلال بيع الدولار عبر المنصة الإلكترونية الذي  كان يمول من الوديعة السعوديةويقلل الضغوط على الطلب على الدولار بدافع الاستيراد توقف أيضا لأن الجهات الخارجية المانحة تراهن على التقدم  الذي أحرز في وضع خارطة طريق  بين الرياض وسلطة الأمر الواقع وبالتالي بين حكومة الشرعية وسلطة صنعاء من جهة أخرى للوصول إلى سلام دائم في اليمن.


لكن على الواقع  كما يبدو لاتوجد رغبة حقيقية من قبل سلطة صنعاء  للتفاوض والوصول إلى سلام  والتي سارعت إلى التصريح برفض  خارطة الطريق الذي كانوا طرفا فيها.


وجاءت  احداث البحر الاحمر وعسكرتة  التي دشنتها صنعاء للتضامن مع فلسطينيي غزة الذين يتعرضون للتدمير والذي أدى إلى جذب وتوسيع  اعداد البوارج والأساطيل الغربية إلى البحر وبشكل غير مسبوق  إلى ارتفاع التامين البحري بنسبة 200 في المائة  على شركات النقل الدولية  التي تنقل السلع  إلى اليمن وتحول خطوط ملاحية كبيرة عن البحر الاحمر وسلوك طريق الرجاء الصالح بدلا عن قناة السويس.


لذلك في هذه البيئة الاقتصادية غير المواتية والمتغيرات السياسية والأمنية المحيطة  يتوقع أن تتعاظم الأزمة والمشكلة الاقتصادية في بلادنا والتي تاخذ شكل ارتفاع في معدلات التضخم ..خاصة  في مناطق الشرعية والذي يتزامن مع  ندرة التحويلات الخارجية وتتاقصها .


وفي غياب الانفراج الحقيقي للأزمة السياسية والاقتصادية على الواقع  وتقلص اهتمام المانحين بالوضع المعيشي والاجتماعي الذي يعاني منه السكان وخاصة أصحاب الدخل المحدود الذي يعتمدون على رواتبهم فإن العام الحالى 2024  سيكون عاما فارقا وصعبا.

د.يوسف سعيد احمد

مقالات الكاتب