كاميرا جهازك.. هل تتجسس عليك؟

التنمية برس: متابعات

عندما تتلقى رسالة ابتزاز على بريدك الإلكتروني تظهر فيها صورة لك أو لأحد المقربين منك، ستشعر بغضب شديد، وسيكون الأوان قد فات لأخذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسك وأسرتك من مخاطر اختراق الكاميرا العالية الدقة، والتي اخترتها بعناية ووصلتها بأكبر شبكة من الأجهزة في شتى أنحاء العالم (شبكة الإنترنت). وستدرك حينها مدى حساسية وخطورة تشغيل الكاميرا أو الميكروفون المدمجين في حاسوبك المحمول، والكاميرتين الأمامية والخلفية في هاتفك الذكي، بالرغم من فائدتهما الكبيرة لنا جميعا.

وستبدأ بطرح السؤال المهم، من سواي لديه إمكانية الولوج إلى الكاميرا في هاتفي وحاسوبي؟ ومن لديه الدافع لبذل المجهود للوصول إلى جهازي؟ هل تستطيع الشركة المصنعة للهاتف أو المبرمجة لنظام التشغيل استخدام الكاميرا دون علمي، أو أن تتيح لأحد التطبيقات التي حملتها على جهازي فعل ذلك؟

سنخوض هنا في بعض التفاصيل عن الأشخاص أو المؤسسات التي لديها الإمكانيات لتشغيل الكاميرا أو الميكرفون في أجهزتك الشخصية، والتي يحصل أن يكون عندها أيضا الدافع لذلك.

"تتوفر على الإنترنت العديد من الدروس والشروحات لاختراق الأجهزة، وهي مفصلة بحسب نوع الجهاز ونظام التشغيل ونسخة التحديث المستخدمة وغيرها"

القراصنة
يستخدم القراصنة العديد من التقنيات مثل أدوات الوصول والتحكم عن بعد بالأجهزة، وأحصنة طروادة، وبرمجيات وفيروسات خبيثة ليتمكنوا من التحكم بالكاميرا الخاصة بجهازك وتشغيلها دون تشغيل ضوء المؤشر الخاص بها، والذي عادة ما يعمل بشكل تلقائي عند بدء التصوير، وحتى دون تشغيل معاينة الفيديو على شاشة جهازك (يتم التحايل على بعض أنظمة تشغيل الهواتف التي لا يمكن تشغيل الكاميرا فيها دون عرضها على شاشة الجهاز عبر عرض الفيديو على مساحة لا تتجاوز الواحد ملم2، فلا يلاحظها المستخدم).

وتتوفر على الإنترنت العديد من الدروس والشروحات لاختراق الأجهزة، وهي مفصلة بحسب نوع الجهاز ونظام التشغيل ونسخة التحديث المستخدمة وغيرها. أما أهداف القراصنة فهي تتفاوت بين التسلية فقط إلى التجارة في المواقع الفضائحية والجنسية وغيرها من الأهداف.

مطورو الهاتف (الجهاز ونظام التشغيل)
إن مطوري الهواتف الذكية هم من يحدد متى وكيف تعمل الكاميرا والميكروفون، وما المؤشرات التي تظهر للمستخدم عند تشغيل الكاميرا، وهم الذين يملكون القدرة على التحكم الكامل بالجهاز الذي صنعوه. ولكن هل تتقيد هذه الشركات بأية مواصفات ومقاييس أو ضوابط قبل طرح المنتجات في الأسواق العربية؟ الجواب: بالتأكيد لا.

ومن نتائج ذلك أنك لن تجد أية قضايا في المحاكم ذات أهمية عن الخصوصية الشخصية مثارة في العالم العربي ضد الشركات المطورة، على غرار القضايا المرفوعة عليها في أميركا ودول أوروبية عديدة، وبالتالي لن تضطر هذه الشركات لاحترام خصوصية المستخدم العربي.

ورغم إمكانياتهم للوصول إلى الكاميرا والميكرفون في هاتفك وحاسوبك غير المحدودة، فإنه في حال اكتشاف قيامهم بذلك، ودون أخذ الإذن من المستخدم، فإن ذلك يعتبر جريمة كبيرة لدى الرأي العام، والذي سيؤثر حتماً على سمعة ومصداقية الشركة.

مطورو التطبيقات والبرامج
يخضع مطورو التطبيقات لقوانين صارمة ومحددة يضعها مطورو الهاتف، فعلى كل تطبيق التقيد بالقوانين قبل أن يتم السماح بتحميله على  سوق التطبيقات الخاص بالهاتف. وبذلك تقوم الشركات المطورة للهواتف الذكية وأنظمة تشغيلها مثل "آي أو أس" وأندرويد ويندوز وبلاك بيري وغيرها، بإلزام جميع مطوري التطبيقات بالضوابط التقنية والأخلاقية، ومنها عدم مشاركة أيّة معلومات أو صور دون إذن المستخدم.

"رغم أن العديد من الشركات العالمية أعلنت أنها رفضت طلبات عدد من الحكومات لأنها تنتهك خصوصية الأفراد، ولكن ذلك يعني ضمنا استجابة الشركات لبعض الطلبات الحكومية ورفض بعضها الآخر"

أجهزة المخابرات
في إطار حملات مكافحة الإرهاب، والتخفي أحياناً خلف قوانينها، يقوم عملاء الحكومات بالتواصل مع مطوري الهاتف وطلب صلاحيات لمراقبة أجهزة المتهمين والملاحقين ومن يتواصلون معهم لمتابعتهم. وقد اعترفت العديد من الشركات -ومنها غوغل وغيرها- بتزويد بعض الحكومات ببيانات محدودة عن العملاء، ولكن لم تعلن الحكومات، ولا الشركات الكبرى عن تفاصيل هذه المعلومات وماهيتها.

ولكن ما الذي يمنع هذه الشركات من التعاون مع بعض أجهزة المخابرات بدرجة قوية تمكنها من الوصول إلى بث مباشر للفيديو من جهاز الهاتف؟ طبعاً إن كان هنالك تهديد مباشر لدولة ما، وكان هذا التعاون من شركات الهاتف يمكن أن يمنع العديد من العمليات الإرهابية، فهل ستتردد الشركات المطورة للهواتف بتزويد الجهات الأمنية بما تريد؟

رغم أن العديد من الشركات العالمية أعلنت أنها رفضت طلبات عدد من الحكومات، لأنها تنتهك خصوصية الأفراد. ولكن ذلك يعني ضمنا استجابة الشركات لبعض الطلبات الحكومية ورفض بعضها الآخر. فهذه الشركات غير ملزمة بأي اتفاق مع عملائها، ولم تعطهم أية ضمانات قبل الشراء أو بعده.

في العالم العربي
في أغلب الحالات لا يوجد سبب مباشر يدفع أجهزة المخابرات للوصول إلى أجهزتك، ولكن قبل أن تهز برأسك وتطمئن، تعال لنستعرض عدداً من الأسباب التي قد تضعك تحت المراقبة. فإذا تلقيت اتصالاً من شخص تحت المراقبة حتى لو كان اتصالا خاطئا، فإن ذلك سيكون كافيا لإضافتك لقائمة المراقبة، وإن كنت متواجدا في محيط منطقة تتم مراقبة جميع المتواجدين فيها، فستتم إضافتك إلى قائمة المراقبة.

حتى الآن، لم تعلن أو تتسرب أية أخبار عن عمليات اختراق للكاميرات في عالمنا العربي، فمعظم الحكومات العربية تأثيرها محدود جدا على الشركات العالمية، ولكن وصول الحكومات الغربية إلى الأفراد يعتبر سهلا جدا، ولا تخضع خلاله الحكومات الغربية لأية قوانين أو ضغوط من حكومات دول العالم الثالث.
 
نصائح مهمّة لحمايتك من الاختراق:
1. استخدم برامج مكافحة الفيروسات.
2. افصل الكاميرا غير المدمجة عن الجهاز وقم بتوصيلها فقط عند الاستخدام.
3. قم بتعطيل الكاميرا المدمجة مؤقتا عن العمل، عن طريق وحدة التحكم الأساسية بالحاسوب.
4. قم بتغطية الكاميرا بقطعة لاصقة، حيث تتوفر العديد من التصاميم في المتاجر الإلكترونية، وهي مفيدة جدا لكاميرا الهواتف المحمولة.
5. قم بتغطية الكاميرا بقطعة بلاستيكية خاصة أيضاً متوفرة في المتاجر الإلكترونية، لكاميرا الحواسيب المحمولة.
6. أبقِ الهاتف بعيداً عن غرفة نومك في حالة شعورك بمحاولة اختراق.


______________
*خبير في التقنية وأعمال الإنترنت والتسويق الإلكتروني

المصدر : الجزيرة