خطر نقص الدولار يُخيم على آفاق الأسواق الناشئة

التنمية برس: متابعات..خاصة

عندما تسلط منظمتان دوليتان كبيرتان الضوء على القضية نفسها ينبغي للمستثمرين الانتباه. وعندما تكون القضية هي خطر ندرة وجود الدولار خارج الولايات المتحدة، عندها يُمكن القول، إن الجميع ينبغي له الانتباه.
صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية أشارا في أحدث تقاريرهما إلى هذا الخطر المحتمل. وبدأ محللون ومستثمرون في المصارف، أيضا، بمناقشة الآثار المترتبة على انخفاض كمية الدولارات، لا سيما بالنسبة للأسواق الناشئة، في الوقت الذي يفتح فيه الاحتياطي الفيدرالي المجال لمزيد من التخفيف لبرنامج التحفيز الذي أطلقه بقيمة تريليونات الدولارات.
انخفاض كمية الدولارات من شأنه رفع تكلفة الحصول على العملة الأمريكية من أماكن نشأت خارج الولايات المتحدة منذ بدأ الاحتياطي الفيدرالي بإغراق الأسواق بالمال عبر برنامج التسهيل الكمي.
هذا الطوفان أدى إلى رفع أسعار الأصول ودفع بتكاليف الاقتراض على الصعيد العالمي إلى أدنى. وساعد أيضا على تحفيز النمو في أسواق جديدة، مثل سوق السندات الدولية المقومة بالدولار في آسيا، حيث وصل الاقتراض إلى رقم قياسي هذا العام.
قبل برنامج التسهيل الكمي، تقريبا جميع المُقترضين بالدولار المحتملين اضطروا إلى اللجوء إلى مديري الصناديق في الولايات المتحدة. في الآونة الأخيرة، هذه الصناديق نفسها أنشأت بدلا من ذلك مكاتب إقليمية للسماح لها بالوصول إلى الصفقات خارج الولايات المتحدة.
النقاش حول توافر الدولار ارتفع في الوقت الذي يبدأ فيه المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي بمناقشة تقليص الميزانية العمومية للبنك المركزي البالغة 4.5 تريليون دولار، ربما هذا العام.
بمجرد أن يُبطئ الاحتياطي الفيدرالي عمليات شراء سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية الأخرى، فإن ضخ الدولار في أنحاء العالم كافة من خلال هذه الصفقات سيبدأ في الاختفاء.
كذلك يُمكن جذب الدولارات مرة أخرى إلى الولايات المتحدة بموجب أي عفو ضريبي يسمح للشركات بإعادة مئات المليارات من الأرباح التي تحتفظ بها في الخارج.
وعلى الرغم من فيضان الدولارات في فترة ما بعد الأزمة، إلا أن معدلات أسواق المال (التي تباع فيها أوراق مالية عالية السيولة وذات آجال قصيرة للغاية) تُشير إلى أن الدولارات كانت شحيحة إلى حد ما. واضطر المستثمرون غير الأمريكيين إلى دفع مبلغ إضافي لتبديل أموالهم إلى دولارات عبر المقايضات على أساس أسعار الصرف.
المثال الذي يتعرض لأكبر قدر من المراقبة هو عقود المقايضة على أساس الدولار- الين، حيث شركات الاستثمار اليابانية، لا سيما شركات التأمين على الحياة، هي المشتري الكبير تقليديا للأصول الأمريكية، خاصة في الأشهر التالية لنهاية عامهم المالي في 31 آذار (مارس).
في مواجهة العائدات المنخفضة إلى السلبية، من المتوقع أن تواصل تلك الشركات شراء مزيد من أصول الدولار – الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى رفع التكلفة الإجمالية لتوريد العملة الأمريكية للآخرين.
وبشكل عام، من المرجح أن تكون آسيا الأكثر تضررا من أي عملية سحب للدولار. فكل زيادة بقيمة 100 دولار في برنامج التسهيل الكمي الذي أطلقه الاحتياطي الفيدرالي أرسلت 15 دولارا إلى آسيا، ما أدى إلى تدفق داخل إجمالي بلغ 500 مليار دولار، وفقا لسمير جويل، رئيس استراتيجية آسيا الكلية في دويتشه بانك.
يقول جويل، "إذا بدأ التخفيف كما نعتقد في عام 2018، هذه ستكون المرة الأولى منذ أعوام عديدة التي نرى فيها الميزانيات العمومية تنخفض". ويتابع، "في أسوأ الأحوال، هذا يُمكن أن يكون في غاية الصعوبة على الأسواق الناشئة. عُمق تلك الأسواق أصغر والأعداد الكبيرة التي تتوجه نحو الخروج يُمكن أن تفاقم انعدام السيولة وتحركات الأسعار".
المشكلة في إعطاء تقديرات كمية لتأثير تقلص الدولار هي أن ليس جميع قوى السوق تُشير في الاتجاه نفسه. إحدى وجهات النظر هي أن تحرير القوانين التنظيمية في الولايات المتحدة يُمكن أن يُحرر المصارف الأمريكية لكي تقرض مزيدا من الدولارات. مثلا، مقايضات الأساس (عقود مبادلة قائمة على تبادل أداتين ماليتين بمعدل فائدة عائم ومقومتين بعملة واحدة)، كانت تعد بمنزلة تجارة خالية من المخاطر لأنها تنطوي على الاحتفاظ بأدوات سائلة قصيرة الأجل. القواعد التي وضعت في فترة ما بعد الأزمة أدت إلى أن تعامل مثل هذه المقايضات على أنها تعاملات بالعملة الأجنبية وأنها نوع من المشتقات، ما يرفع تكاليف التداولات.
يقول هانز ريديكر، الرئيس العالمي لاستراتيجية النقد الأجنبي في مورجان ستانلي، "لم يكن المنظمون يميّزون بين الحل المعلب الخالي من المخاطر لمقايضة الأساس والمكونات الأساسية التي يقوم عليها".
"إذا كنت تعتقد الآن أن هناك فائضا في رأس المال - يعتقد محللو الأسهم لدينا أن هناك فائضا ربما بحدود 120 مليار دولار - وأن الولايات المتحدة ستحرر القوانين التنظيمية، فإن النتيجة هي أن المصارف الأمريكية ستكون أكثر نشاطا بكثير وستكون مصدرا مهما لتوفير الدولارات".
كثير أيضا يعتمد على الحالة المزاجية التي يتم فيها تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة - سواء على شكل رفع أسعار الفائدة أو تخفيض الميزانية العمومية.
يقول جويل، "إذا كان هذا يحدث في بيئة واثقة عالميا، عندها سيكون لهذا تأثير إيجابي موازِن في آسيا. يمكن أن نحصل على وضع يشهَد فيه الدخل الثابت تدفقات خارجة كبيرة لكن الأسهم تتلقى الأموال بسبب تلك الآفاق القوية".

الوكيل الحصري في اليمن: شركة مسلم التجارية